هل من الممكن خلق قواسم مشتركة بين عالم التجارة والمال، وبين عالم الفن والأدب؛ أم أنهما خطان متوازيان لا يلتقيان؟ هل يمكن للأديب أن يتقمص شخصية التاجر، وهل يمكن للفن أن يؤنسن المال؟ إنديا بالمر، الكاتب الروائية وزوجها ثيودور، فنان النحت الموهوب اللذان يمران بضائقة مالية فرضتها عليهما رغبة إنديا في التماهي مع مظاهر البذخ الذي يطبع حياة الأغنياء، تربطهما بويل تشابمان المصرفي البارع الذي يعمل في وول ستريت وزوجته إيما صداقة متينة. المال أضحى بالنسبة إلى إنديا قبلة استحوذت على كيانها؛ وبالمقابل، وبدرجة أعلى من المفارقة، يبدي ويل تشابمان افتتانا باعالم الأدب قاده إلى اتخاذ قرار حاسم بالتخلي عن كل امتيازات عالم المال ليتحول إلى كاتب روائي. هنا، يلج القارئ على عالم فريد شكلته كاتبة هذه الرواية ببراعة فائقة؛ وهو عالم متعدد الأبعاد: وين جونز، الزائر المفاجئ الذي يذكر بقوة بالشخصية المحورية في أغلب مسرحيات هنريك إبسن، هو صديق لآل تشابمان، وأحد أقطاب عالم وول ستريت، يقتحم عالم إنديا بالمر منذ بداية الرواية. ''وين جونز'' هذا، الذي يمسك بأطراف الفعل في الرواية كلها تقريبا، يفرض على القارئ أسئلة تمور في ذهنه وتحكمها الحيرة؛ هل هو شيطان كريستوفر مارلو الذي أغوى فاوست، أم هو ''بيغماليون'' برنارد شو الذي أراد أن يعيد تشكيل ''إلايزا دوليتل'' بائعة الزهور شبه الأمية، أو نحتها على شكل سيدة مخملية؟ ويبقى السؤال الأخير الذي لا يجد القارئ له جوابا وهو يطوي الصفحة الأخيرة لهذه الرواية: هل متعة السلطة المرافقة للتغول المفرط للمال تستحق أن يسفح المرء من أجلها ماء إنسانيته أمام مذبح ((ميفيستوفوليس)) الشيطان الحاضر أبدا أمامنا، وربما فينا؛ وبالتالي : هل هي محنة عالم اليوم الأخلاقية، أم محنة الإنسانية بدءا من الصراع من أجل البقاء، إلى الصراع من أجل السلطة؟ وقد يكون الجواب الوحيد على هذا السؤال، كما على ما قبله من أسئلة هو ''ربما''.
source https://qrtopa.com/book/13788
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق