حبّ الذّات هو حبّ المرء ذاته، وحبّ كلّ شيء من أجل الذّات. وهو يجعل الناس مولعين بأنفسهم، ومن شأنه أنْ يجعلهم طغاة على الآخرين لو مكّنهم الحظّ من وسائل لتحقيق ذلك. وهو لا يحطّ أبداً خارج ذاته ولا يتوقّف عند الذوات الأخرى إلّا مثل النحل على الزهور، أي من أجل امتصاص ما يريد منها شخصيّاً. لا شيء أكثر تهوّراً من رغباته، لا شيء أكثر خفاءً من نواياه، لا شيء أمهر من سلوكاته. لا يمكن لتغلغلاته الشديدة المرونة أنْ تتمظهر، تحوّلاته تتجاوز تلك التي للمسوخ، ولطائفه تتجاوز تلك التي للكيمياء. لا يمكن سبر أعماقه، ولا اختراق ظلمات مهاويه. فهناك يكون في مأمن من العيون الأشدّ اختراقاً، ويُكثر من حركات الذهاب والإياب غير المحسوسة. هناك يكون لامرئياً لذاته في أغلب الأحيان، فيحمل ويغذي ويربّي، من دون معرفته، عدداً كبيراً من مشاعر المودّة والحقد، ويشكّل من بعضها وحوشاً يعود إليها فلا يتعرّف عليها، أو ينكر الاعتراف بها. ومن ذلك الظلام الذي يغطّيه تتولّد القناعات السخيفة التي شكّلها حول ذاته؛ ومن هناك تأتي أخطاؤه، وجهله، وفظاظته وحماقاته حول ذاته؛ من هناك يأتي اعتقاده أنّ مشاعره قد ماتت والحال أنّها غافية فحسْب...
source https://qrtopa.com/book/13823
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق