الجمعة، 20 يوليو 2018
أبجدية ثانية
‘أحلمُ وأطيع آية الشمس آتياً في سديم الإشاراتِ’ ما بين الظاهر المستسلم والخفي المدمّر تلتقط كائنات أدونيس الإشارات لتتشكّل من جديد، بما أن زغب الأسئلة قد نبت والواقع بنى مسرحه على أفق شعري ملتهب. هنا تأتي الأبجدية لتعذّب الأسئلة، لتصير متاهة. هي أبجدية أدونيس الثانية، التي تستحضر العواصف بمهارة وتصلبها على الجدران أمامنا كشاهد على ملكيتنا الحصرية للعتمة. يدلّ أدونيس على الأوقات اللاذعة كمحاولة لاستدعاء الأمل قبل أن يتآكل بفعل ما لدينا من أسباب الهلع. بالأبجدية وحدها نحفر ونشكو ونغذي فطنتنا الكاسرة قبل أن نُصعق بين الأزمنة. نعم، ما لدينا من بذور لا يكفي تحت هذه السماء المقيّدة، لذا حيث تُنصَب الشباك ويكمن الخوف، تتراصّ كلمات أدونيس لتصيبنا بجفاف في الحلق، وتصبغ هواءنا بالحمرة. ليست نظرته قاسية، ولا هو يرقب الأرض من عليائه، بل على العكس، الهواء من حوله شفاف، وللسعادة أجنحة وبراعم قادرة على ملئنا بالعبير..العبير الذي يخترق الدغل كي ينسكب الضوء. معه الشعر يروي ويأكل من ألم التاريخ برؤية نادرة ومتّقدة. دائماً يدلّ أدونيس على العين التي تأكل الظلمة لترى، والتي تُقلق الأطياف الهاربة في الوقت المشبوه من ماضٍ مشبوه. من أعالي الصخور ستنفجر الكلمات الفوّارة والشكّ المنجي ليجرح الوعي. تماماً هذا ما يفعله أدونيس، هو يجرح وعينا بالأبجدية. في الأبجدية تحيا الأماكن، تزفر بريقها وعتمتها معاً. ومع أن أدونيس يعيش في جناحي يمامة، ويطير في فخ، إلا أن أبجديته ضد الزمن لأنه أبداً في حالة انخطاف ما بين الأرض والشمس. الأمكنة معه مكنَّرة بشهوة البدء والتكوين، ومن شعره و جنونه الحكيم يحلم ويطيع آية الشمس. ‘ الشعر هو جنوننا الحكيم’.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق