الاثنين، 23 يوليو 2018

كتاب الفنديداد أهم الكتب التي تتألف منها الأبستا

صدر أخيراً عن «منشورات الجمل» كتاب «الفنديداد»، وقد نقله من الفرنسية وعلق عليه الدكتور داود الجلبي الموصلي. يعتبر الفنديداد أهم الكتب التي تتألف منها «الأبستا»، والأخيرة هي اسم مجموعة المتون المجوسية وهي كتب الفرس القدماء المقدسة والمنسوبة إلى زرادشت، وهي الآن في أيدي الفرس في الهند والكَبر في إيران. وصلت كتب «الأبستا» من زمن الساسانيين، كانت مكتوبة في البدء باللسان الآبستي ثم نقلت إلى اللسان البهلوي في عهد الساسانيين، وتوجد أقسام منها بلسان السنسكريت يقرأها البارسيون (الزردشتيون الإيرانيون)، وتوجد تراجم لها باللسان الكجراتي والفارسي الحديث. كانت «الأبستا» في الأصل تتألف من 21 نسكاً، لم يبق منها في الزمن الراهن سوى كتاب تام هو «الفنديداد»، هو كتاب دين وتمدين وفيه أبحاث عن الكون وحرر معظمه بصورة مكالمة بين أهورامزدا وزرادشت. أما المتون الأخرى فهي الفسبرد واليسنا والخرده أبستا واليشتات. الساسانيون حسب الكتاب، الكتب الزرادشتية المقدسة كانت تؤلف على عهد الساسانيين مجموعاً ينقسم إلى 21 نسكاً (كتاباً) وصلنا الرقم 19 منها تاماً وهو «الفنديداد». إذا نظرنا إلى الأخير، وجدنا أن القسم الأعظم منه يبحث عن قواعد التظهير ويعني بها طرد الشيطان من الأشياء التي نحبسها. بيد أن 12 من فصوله الاثنين والعشرين ليس لها صلة بدفع الشياطين، فإن الفصلين الأولين والفصول الثلاثة الأخيرة هي من نوع القصص والخرافات. أما الفصل الأول، ففيه تعداد أسماء المدن الإيرانية التي أوجدها هرمزد والبلايا التي صبها عليه أهرمن. في الفصل الثاني، بحث عن التاريخ القديم وكيف أن هرمزد كلف «الملك العادل» بتبليغ شريعته للناس، وكيف رفض «الملك العادل» هذا التكليف، لكنه قبل أن يسوس العالم ويطرد منه المرض والموت. يصف هذا الفصل أيضاً الفار (var) الذي أمر هرمزد «الملك العادل» بإنشائه كي يكون ملجأ لأجمل نماذج الحيوانات والنباتات لإنقاذها من الأشتية المهلكة. أما الفصول الأخيرة، فتبحث عن أصول الطب وعن قدرة المياه والكلمات المقدسة على شفاء الأمراض. عدا ذلك، نجد في الفصل 19 جهود أهرمن الفاشلة في إهلاك زرادشت وإضلاله ونبذه من وحي هرمزد إلى زرادشت. تبقى ستة عشر فصلاً، من الثالث إلى الثامن عشر، خصصت كلها تقريباً لمسائل تشريعية. يبحث القسم الأعظم من الفصول (5-12) عن النجاسة المتولدة من الموت ومن مس الميت وعن الوسائل التي يجب اتخاذها لإزالتها، فيما يتناول الفصلان 16 و17 وقسم من 18 النجاسة التناسلية وغيرها، ويبحث الفصلان 13 و14 وقسم من 15 عن الكلب وفضله وحقوقه وسجاياه وعن العقوبات المترتبة على من يقتله، فيما يتطرق الفصل الثالث إلى حرث الأرض، والفصل الرابع إلى العقود والعقوبات. دلائل وعلامات يقدم المؤلف شرحاً لجميع المعجزات والعلامات والدلائل في ما ذهب إليه الخمسة القدماء عندهم: {أورمزد} وهو السلطة الكبرى، «أهرمن» وهو الشيطان الشرير، «كاه» وهو الزمان، «جاي» وهو المكان، و«هوم» وهو الطينة والخميرة، وغير ذلك من دياناتهم ووجوه عباداتهم ومواضع بيوت نيرانهم. يورد المؤلف ما ذكره الشهرستاني في كتاب «الملل والنحل» عن الزرادشتية: «الزرادشتية هم أصحاب زرادشت بن بورشب وكان أبوه من أذربيجان، وقد ظهر في زمان كشاسف بن لهراسب الملك. وزعموا أن لهم أنبياء وملوكاً أولهم كيومرت وكان أول ملك في الأرض، وبعده كان (أوشهنج) ونزل أرض الهند، وبعده (طهمورث) وظهرت الصابئة في أول سنة من عهده، وبعده أخوه (جم) الملك، ثم بعده أنبياء وملوك منهم (منوجهر) ونزل بابل وأقام بها وزعموا أن موسى عليه السلام ظهر في عهده، حتى انتهى الملك إلى كشتاسف بن لهراسب وظهر في عهده زرادشت الحكيم». يتابع الشهرستاني بأن «الزرادشتيين يزعمون بأن الله خلق في وقت ما الصحف الأولى والكتاب الأعلى من ملكوته خلقاً روحانياً. فلما مضت ثلاثة آلاف عام، أنفذ مشيئته في صورة نور متلألئ على تركيب صورة الإنسان وأحف به سبعين من الملائكة المكرمين وخلق الشمس والقمر والكواكب والأرض وبني آدم غير متحرك في ثلاثة آلاف سنة، ثم جعل روح زرادشت في شجرة في قمة جبل من جبال أذربيجان، ثم مازج شبج زرادشت بلبن بقرة فشربه أبو زرادشت فصار نطفة ثم مضغة في رحم أمه، فسمعت أمه نداء من السماء فيه دلالات على بروئها فبرأت. ثم لما ولد ضحك ضحكة تبينها من حضر. واحتالوا على زرادشت حتى وضعوه بين مسلك البقر ومسلك الخيل ومسلك الذئب، وكان ينهض كل واحد منهم بحمايته من بني جنسه. فدعا كشتاسف الملك فأجابه إلى دينه. وكان دينه عبادة الله والكفر بالشيطان، واجتناب الخبائث. وقال: النور والظلمة أصلان متضادان وكذلك يزدان وأهرمن وهما مبدآ موجودات العالم وحصلت التراكيب من امتزاجهما، وحدثت الصور من التراكيب المختلفة، والله خالق النور والظلمة ومبدعهما وهو واحد لا شريك له ولا ضد ولا ند ولا يجوز أن ينسب إليه وجود الظلمة. ولكن الخير والشر والصلاح والفساد والطهارة والخبث إنما حصلت من امتزاج النور والظلمة، ولو لم يمتزجا لما كان وجود العالم. وهما يتقاومان ويتغالبان إلى أن يغلب النور الظلمة، والخير الشر». بحسب الكتاب، يصعب تعيين الزمان الذي عاش فيه زرادشت، فكتبة اللاتين واليونان يرفعون هذا الزمان إلى ما قبل التاريخ المسيحي بستة آلاف سنة. لكن نظراً إلى الرواية التي يدعمها المتن البهلوي لكتابهم المسمى «بندهيش» يكون زرادشت قد عاش بين القرنين السابع والسادس قبل المسيح، وهذا التاريخ هو المقبول عند أكثر العلماء في الزمن الراهن. يذكر أن زرادشت انجز لـ{الأبستا» شرحاً سماه «الزند»، وأنجز الموابذة والهرابذة لذلك الشرح شرحاً سموه «بارده» ومنهم من يسميه «أكرده» فأحرقه الإسكندر عندما هزم ملك الفرس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق