الأحد، 22 يوليو 2018

كديسة

طرح رواية "كديسة" للكاتب المصري حجاج أدول (1944) عدّة تساؤلات خارج الرواية ككيان سردي، تشمل المشروع الذي عمل عليه الكاتب في روايته الصادرة نهايةَ العام الماضي عن "دار العين" في القاهرة. أولى تلك التساؤلات: هل يمكن وصف العمل بأنه رواية تاريخية؟ ولماذا يجري استدعاء حقبة ما من التاريخ، وأي دلالات لذلك؟ رأس الخيط الروائي في العمل سنجده ملتحماً ببدايات ظهور تيار "العقلانيين" في أوروبا في القرن الثاني عشر، والذي أخذ روّادُه يجاهرون برفض فكرة الحملات الصليبية، والإغارة على الشعوب الشرقية، إضافةً إلى التنديد بما تخلّفه الحملات من قتل وتعصّب، ليبرز معسكران: معادٍ وآخر عقلاني، وإن كان في بداية بزوغه، ولا يزال مُفتقداً لمناصرين. هكذا، نفهم أن العودة إلى بذور العلاقة بين الشرق والغرب هو سبب استدعاء أدول لتلك الحقبة من التاريخ، لمقاربتها بواقع لا يزال يشهد نزاعاً وعداوة بين الشرق والغرب تحت مسمّيات عدّة، من استعمارٍ ونشر للديمقراطية، وصولاً إلى مكافحة الإرهاب، وكلّها تسميات تظلّ متستّرة وراء التعصّبات الدينية والقومية وما وراءها من مصالح. لكن هناك تساؤلاً آخر: هل يكفي هذا الاستدعاء لرؤية واقعنا المعاصر بشكل أوضح، خصوصاً أن الكاتب جعل من الحب خلاصاً لتلك الحروب؟ وما حال القارئ المنفتح على نظريات الاستشراق، وما بعد الاستشراق والكولونيالية وما بعدها، حين ينتهي من قراءة هذه الرواية؟ " لا تخلو الرواية من تفسيرات جاهزة للحروب الصليبية " تقوم رواية أدول على البحث عن السبيل إلى إقامة السلام والحب بين الشرق والغرب، وبشكل أدقّ بين شعوب شمال وجنوب البحر المتوسّط. يبدأ هذا البحث بعد المعركة الطاحنة التى قامت بين جيوش الصليبيين وأهالي دمياط عام 1249م، ومُنيت الحملة الصليبية بهزيمة ساحقة، ما دفع المشاركين فيها إلى إعادة النظر في فكرة الغزو من أساسها، حيث أخذوا يقارنونها بتعاليم المسيح الأصلية، ليبدؤوا في اكتشاف أن الحملة برمّتها ما هي إلا حملة لكسب الغنائم مع توظيف التعصّب الديني ضد "المحمّديين" في الشرق. استطاع أدول فى روايته أن يركّز على تنويعات فنية باتت تعتمد عليها الرواية التاريخية، وتجعل منها إحدى إضافاتها البارزة في الفن الروائي، مثل تصوير الحياة الشعبية، أكثر من اعتمادها على تصوير الشخصيات التاريخية البارزة؛ حيث إن الشخصيات الثانوية في الرواية هي التي أثارت اهتمام الكاتب أكثر من غيرها، وبالتالي أُبرزت للقارئ، مقارنةً بالشخصيات التي تذكرها كتب التاريخ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق