الحياة كما قدمت لهم بكثير من الواقعية، وبمزيج من الشفافية، ينقلنا الروائي اللبناني"زياد كاج" إلى حي من أحياء الضاحية الجنوبية في بيروت – برج البراجنة – مسلطاً الأضواء على فئات، وطبقات إجتماعية، في حراكها اليومي المعاش. وفي هذا العمل يحاول الراوي البحث في البنى التقليدية المجتمعية للمجتمع اللبناني، المتعددة المذاهب، والطوائف، والثقافات، والأديان ... هذا المزيج المجتمعي يصفه الراوي بأنه مليء بالتناقضات ليس في أحياء الضاحية الجنوبية فقط، بل في غالبية المناطق، هي فروقات تستعصي على الفهم، جاءت نتيجة تراكم معرفي، وثقافي، طويل في تاريخ لبنان. فما يعرفه اللبناني عن أخيه في الوطن، هو ما تلقنه أسرته إياه، فتتكون الصورة النمطية عن الآخر في البنية الذهنية للفرد الأمر الذي يؤثر على سلوكه اتجاه الآخر أثناء العمل – الزواج – الدراسة – "مس زهرة شو إسلام ولا مسيحية، بدي أعرفها ...". يقول الراوي ".. وكان الإكتشاف المذهل لحقيقة أننا "كشعوب وطوائف وقبائل" لا نزال نعيش بعضنا مع البعض الآخر غرباء متحصنين وراء أسوار عالية من الآراء المسبقة النمطية المنمذجة وأوهام الطوائف (...) هذا الحي ليس حكراً على الضاحية وحدها فهو موجود في كل مدينة وكل بلد. كل همي كان نقل وجع هؤلاء الناس وعيشهم في ظل إهمال الدولة لهم واستغلالهم من قبل زعامات للسيطرة والنفوذ والمناصب. تحية من القلب إلى الذين عاشوا الحياة كما قدمت لهم". إنها أكثر من رواية، إنها حياة معيشة يتزاوج فيها الفقر مع الغنى والسيارات الفارهة، والأزقة الضيقة، وأحاديث الجيران وأسرارهم، هي أحياء تزدهم بالأعراس، والمآتم وصور الشهداء، فكان هذا العمل تحية للشهداء ولكل المنسيين الذين لم تطلهم نعمة التغيير ...
source https://qrtopa.com/book/14446
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق