الاثنين، 26 أكتوبر 2020
الخلق الجديد
الزمن، مثل المحسوسات والجمادات، يتأثر بالسياق الذي يحتويه. ولذا يبدو الوقت في القرية أبطأ من ذي قبل، وكأنه يجر أحمالَ ترقّبٍ وعجز وحيرة ثقيلة، وتنحفر عجلته في أرواح الناس لتحدث تجويفا تسكنه الهواجس، مثل الرياح في الوديان العظيمة. ويتجسد مرور الوقت في بطئه عبر صور رثة. المقبرة بالقبور المبقورة في عتمة الليل. إحدى السكك التي تحفها البيوت النائمة في زرقة الفجر. دكان صقعوب وهو يتحرك داخله وهواء البكور يحرك أزهار الياسمين. مركز الشرطة وسرور يجلس بنتوئه المعتاد الخامل على كرسي أمامه في الضحى. المدرسة وعدة اطفال يخرجون منها في الظهيرة. والد ماجد الشايب وهو يقف خارج بيته بجمود مريب في طلعة العصر. ابن صالح وهو يلعب وحيدا في الغروب خارج البيت ووالده من عند عتبة الباب. جاسر بن مسعود وهو يجلس منهمكا تحت سراج في الليل ليركب أعوادا في بعضها وكأنه يصنع قاربا. ثم أخيرا الفتاة التي كانت تمشي عارية بثدييها الناهدين، وهي تجلس في زاوية مظلمة من الحوش قريبا من أهلها، لا يخرج منها سوى جزء من وجهها، وتتطلع أمامها بابتسامة لا تكاد ترى، وتلمع عيناه الزرقاوان. الوقت بطيء، بطيء جدا، وكل ما فيه متمنع وغامض، ينبسط صحراءً عذريةً تمتد متشابهة إلى مدى البصر بلا طرق أو علامات، ولا يمكن أن يُستدل على المسار فيها إلا بالنظر في السماء. ولكن السماء لم تجبهم، وتُركوا في مواجهة الوقت الذي يجوّف أرواحهم بأحمال الترقب والعجز والحيرة. Via مكتبة اقرأني http://qrtopa.com/rss
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق