الأربعاء، 21 أكتوبر 2020

السكوت من تراب

تقديم: عصام العاروري الإبحار ضد التيار بهذه العبارة أستطيع تلخيص الحياة السياسية والفكرية للقائد والمثقف الاستثنائي عبد المجيد حمدان، المعروف لرفاقه وأصدقائه بكنية "أبو وديدة". وانني اذ أعتبر قبوله عرضي بالتقديم لكتابه هذا تشريفا لي، فإنه يضع على عاتقي مسؤولية تليق بحجم احترامي ومحبتي لقائد استثنائي، احترف الصدق قبل احتراف السياسة، واحترف النزاهة قبل أن يحتل أي موقع قيادي. اخترت عنوان الإبحار ضد التيار لأستعير بعض قوانين الفيزياء، التي برع فيها كتخصص جامعي وكمعلم أحب تعليم الفيزياء، الى أن فصلته سلطات الاحتلال من سلك التعليم، ولم استغرب حين استهل كتابه بأحد القوانين الشهيرة لاسحاق نيوتن. يعني الإبحار ضد التيار ضمن ما يعنيه، اختيار الطريق الصعب، الذي يتطلب ايمانا عميقا بما تقوم به، ويكلفك تعبا مضاعفا في الدعوة لفكرتك، ويجر عليك الكثير من سهام أشباه المتعلمين، الذين يصفهم أبو وديدة بأنهم أخطر من الجاهلين الذين يدركون جهلهم. وبالمقابل فان السير مع التيار لا يحتاج جهدا، ويستسهله القادة الشعبويون عادة، لأنه يخاطب الغرائز، لكنك مضطر معه أن تصل الى حيث يلقي بك التيار لا حيث تشاء الوصول. ولدت فكرة هذا الكتاب بعد نشر أبي وديدة لسلسلة حلقات مهمة بعد اعلان اتفاقيات التطبيع العربية مع إسرائيل، التي اعتبرها نهاية حقبة ممتدة من مئة عام عاصرها خمسة أجيال، المرحومون جده ووالده، وعاصرها هو وأبناؤه وحفيدته، شهدت تطورات وتقلبات هائلة، كان من ملامحها انتهاء ليس فقط عهد الأمل بالوحدة العربية، بل حتى مفهوم التضامن العربي. حيث أننا كشعب فلسطيني وضعنا أمام مرحلة جديدة، ربما تشكل حائطنا الأخير، جوهرها الصمود المقاوم، والذي يتطلب مقاربة تختلف عن كل المقاربات التي تعودنا عليها واستسهلتها قياداتنا وأحزابنا وباتت تحفظ شعاراتها عن ظهر قلب. لا أخفيكم أنني أشفقت على رفيقي وصديقي ابي وديدة، كون قراء فيس بوك حيث بدأ كتابته، غالبا سطحيون، عجولون، يمرون مرورا سريعا ويهربون من المعالجات الجادة، لدرجة أن بعضهم يعلق على اعلان نعي فيه صورة للمرحوم صدف أنه كان مبتسما عند التقاطها بتعليق: "منور" ولذا كان قليلا جدا عدد من تفاعلوا على تلك الكتابة، خاصة وأن نزاهة قائد مثل أبي وديدة لم تبق له مصدرا لشراء صفحة على ف ب والترويج المدفوع لها. جاءت فكرة تحويل تلك الحلقات الى مشروع كتاب يبدأ نشره الكترونيا، دون تكلفة بتعاون أصدقاء ومحبين. وهذا الكتاب، وان كان الكثير مما ورد فيه قد نشر في سياقات أخرى في كتابه ذي الجزأين، "إطلالة على القضية الفلسطينية" و "الدخول في حقل المحرمات" حيث ثابر في معالجة الشائع والاشتباك مع المسلمات والديماغوجيا التي جرتنا من هزيمة الى أخرى. إن قيمة هذا الكتاب صدوره في توقيت يشكل أعتاب مرحلة جديدة، يتوقع لها أن تطول لأكثر من جيل ولسنين تقاس بالعقود، والتي إما أن تقود الى انتصار شعبنا واسترداد حقوقه أو تؤدي الى تمرير مخطط التهجير القسري (أو ما يعرف بالترانسفير) القابع في أدراج الحركة الصهيونية، التي لن تستسلم بسهولة أمام إحباط مخطط إسرائيل اليهودية النقية. يطرح الكتاب رؤية ساطعة الوضوح لمفهوم جديد للصمود بعيد المدى، وجوهره ثورة علمية وتعليمية، تكون أساس تطوير عناية صحية بمستوى رفيع وقضاء نزيه وفعال وعادل، ومقومات صمود تحبط مخطط الترحيل ولا تسمح بتقديم مبررات لتنفيذه. وعلى عادته باستخدام لغة سهلة، ومباشرة، ولكن أضيف لها الاختصار رغم شمول الكتاب لحيثيات كثيرة بدءا من بعض نصوص التوراة وانتهاء بآخر تصريحات نتنياهو، يوشع بن نون إسرائيل الجديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق