هذا الكتاب مقولٌ قولاً، لا مكتوبٌ كتابةً، فاقرأْه بأُذُنيْك. كنت ألقيتُ فصولَه، فصلاً في كل يوم، من إذاعة "أجيال" في رام الله وكانت عامئذٍ، عام ألفين وثلاثة، الإذاعةَ الأولى في فلسطين، وأحسبُها - وأنا أحرِّرُ هذه المقدمة في مطلع 2014 - لا تزال كذلك. كتبت هذه الأحاديث الإذاعية راغباً لا مرتزقاً، وآيةُ ذلك أنني كنت أحوِّل أَجْري إلى "معهد الإعلام" بجامعة بيرزيت الذي كنت على رأسه آنذاك. كنت أكتب الفصول خمسة خمسة، أو عشرة عشرة، وأسجَّلُها في الإذاعة، يصحبني في الهندسة وليد نصار مديرُ الإذاعة، الذي كثيراً ما كان يوقفُني مصحِّحاً غلطة نحْوية، أو منبِّهاً إلى التواءة لسان. أخذت اسم البرنامج من تلميذة لي. كانت تدخل مكتبي وتجلس على حافَّةِ المنضدة غيرَ مدعوَّة، وتلقي بأحكامها الجارفة، وكانت الألمع والأكثر مثابرة؛ دخلتْ مرَّةً، واقتعدت المنضدة على عادتها محتجَّةً على شيء، وقالت: "غلط غلط". فهمهمت: "غلط غلط، اسم جميل لبرنامج إذاعي". وهكذا كان. تلك روان الضامن التي قدِّر لي فيما بعد أن أزاملها ستَّ سنوات في قناة الجزيرة، حيث أنتجتْ سلسلة من أفضل ما عرفته الشاشة العربية من وثائقيات تلفزية. أشكر وليد نصار مدير شبكة أجيال الإذاعية الذي قرأ الكتاب قراءة تدقيق خلَّصتْه من عدة هفوات، وتكفَّل باسم "أجيال" بنصف تكاليف الطبع. هذه مئتان وثمانٍ وستُّون حلْقة هي كل ما أذيع من برنامج "غلط غلط"، وكما أذيع، وبنفس الترتيب. أنفقت على نص هذا الكتاب ساعات كثيرة تدقيقاً وتشكيلاً، في أيام "الثلجة الكبيرة" في كانون الأول/ديسمبر 2013 ، وكنت أودُّ لو حذفت منه بعض الحلقات المرتبطة بأحداث لفَّها النسيان، أو لو أضفت ملاحظات إيضاحية. لكنني لم أفعل هذا ولا ذاك، وآثرت أن أُبقيَ النصَّ على حاله مثلما أُذيع. عارف أحمد حجَّاوي رام الله يناير/ كانون الثاني 2014
source https://qrtopa.com/book/15001
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق