الجمعة، 1 نوفمبر 2019
ثمّ حلقت لحيتي
لم أكتب هذا الكتاب بقصد تدوين سيرتي الذاتية، فما أنا بالشخص المشهور الذي يتهافت عليه القرّاء لمعرفة تفاصيل حياته ويستميتون للاطلاع على مراحل نشأته. كما لم أكتب هذا الكتاب بقصد التشهير بالجماعات الإسلامية في البحرين، فأنا – رغم اختلافي معها – أدين لها في تكويني الثقافي. إنّ هذا الكتاب هو محاولة منّي للإعلان عمّا يختلج في نفس كلّ عضو في الجماعات الإسلامية حينما يتيح لعقله أن يفكّر ويقدّر ويراجع نفسه ويعيد حساباته، عبر سردي لثماني عشرة سنة قضيتها في رحاب الجماعات الإسلامية أو متصّلاً بها، مركّزاً على حالة الاغتراب التي عشتها والتي يعيشها أعضاء الجماعات، وتؤدّي بهم إلى أن يكونوا حجر عثرة في طريق التقدّم بدل أن يكونوا هم قادة الركب وقائدي المجتمع إلى النهضة والحضارة. وأحسَب أن الكتاب يكتسب أهمّيته من أنّه يصف حالة الاغتراب التي تعيشها الجماعات الإسلامية ويبحث عن أسبابها، انطلاقاً من تجربة شخصية عاشها الكاتب عبر اتصاله بثلاث جماعات كبرى. فالكتاب لا يحمل مجرّد انطباعات لمتابع لأنشطة الجماعات وبرامجها، وإنما هو خلاصة تجربة لعضو مثابر بها وصل إلى مرحلة المشيخة مرات كثيرة، ودرس العلوم الشرعية ومارس الدعوة بها وأشرف على مراكز تحفيظ القرآن الكريم، وأشرف كذلك على الصفحة الإسلامية لمدّة سبع سنوات كاملة. وقد جاء تخصيصي كتابي هذا لعرض تجربتي الشخصية في الجماعات الإسلامية لا لأحشد الناس إلى محاربتها، ولكن من أجل أن تسعى هذه الجماعات إلى تجاوز حالة الاغتراب التي تعيشها، لكي تصبح مؤسساتها مؤسسات فاعلة مساهمة في نهضة المجتمع ودافعة له في اتجاه التقدّم. فأنا أعرف حقّ المعرفة القاعدة الجماهيرية التي تمتلكها هذه الجماعات في البحرين وفي سواها من دول المنطقة، وأتفهّم التعاطف الذي تبديه الشريحة الأوسع من مجتمع البحرين المحافظ بطبعه والذي يدين بدين الإسلام؛ لذا، فإنّني أزعم أنّ الحلّ لا يكمن في إلغاء هذه الجماعات وفي السعي إلى محاربتها، وإنما في إرشادها إلى الجادّة الصحيحة، حتى تصبح بعد ذلك وسيلة تقدّم بدل أن تكون وسيلة تأخّر. ولكم تمنيت – وأنا أكتب هذا الكتاب وأعرض تفاصيل تجربتي – أن يقع الكتاب في يد كلّ منضم إلى الجماعات الإسلامية، وأن يقتنع بالأفكار المطروحة فيه، وأن ينشرها وسط جماعته، حتى تتحقّق أمنيتي في أن أرى هذه الجماعات تفتح نوافذها للنور، وتُشرع أبوابها للهواء الطلق.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق