الأحد، 5 يوليو 2020
حكى لي الأخرس
حكى لي الأخرس خطيب بدله حكى لي الأخرس، قال: كنت، كسائر عبيد الله، وأمَاتِهِ، خرساناً، ومتوكلاً على الله. مثل القرد الصيني: لا أسمع، لا أرى، لا أتكلم. أمشي، إن مشيت، في ظل الحائط... (لا أبوك ولا أبو الشيطان). أعمل، آكل، أشرب، أنام... كحمار أعجم. عندما كنت صغيراً، وكنت على وشك أن أتعلم النطق، فاجأني أبي بقوله: - الرجل، يا بني، هو الذي يكفي الناس خيره وشره. قلت: أبي لا يغشني. وخرست. لكنني اكتشفت، بعد فوات الأوان ربما، ويا للغبن، أنني أكفيهم شري فقط... بينما هم دائبون على ابتداع الطرق والوسائل التي تمكنهم من سحب خيري، حتى صار وجهي بعرض إصبعين. ومع ذلك بقيت أخرس. وفي ليلة ما فيها ضوء قمر، جاء الناطقون. قالوا: تفضل معنا. فتلتُ أصابعي مستفسراً، إلى أين؟ قالوا: لا تخف، ألستَ أخرساً؟ فهززت رأسي: بلى. قالوا: لماذا أنت خائف إذاً؟ إنه مجرد فحص دوري نجريه للخُرسان، لنتأكد من أنهم مايزالون كذلك. أخذوني. وضعوني في غرفة مظلمة، وأقفلوا الباب. مر زمن طويل... وبينما أنا سارح، أفكر في احتمالات المسألة، إذ جاءتني لسعة سوط. صحت آ... فقال أحدهم للآخر: ها قد لفظ حرف آ..تابع اختباره. فنقلوني إلى مكان معتم بارد. نويت أن لا أصيح (آ) مهما ضربوني. دخل البرد في عظامي، وأخذت أسناني تصطك: بببببببب.... ب ب ب... فقال أحدهم للآخر: لفظ الباء...تابع اختباره. وهكذا تعلمت الأبجدية. شكراً لهم، وأنا سأحكي... ــــــــــــــــــــــــــــــــــ مجموعة حكى لي الأخرس 1987
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق