تنهض رواية «موفيولا» للكاتب الفلسطيني تيسير خلف على كل من المُتخيل والواقع، والحقيقة والوهم، ولكن عبر ثيمة الانزياح المتكرر للإنسان عن مركز الأشياء، ولاسيما عن الوطن والحلم والمكان وحتى الزمن. الرواية مَعنيٌة بفلسطين، لا بمرحلة من تاريخ فلسطين التي توجد في سياق تخيلي، ما يُضفي على التّاريخ صبغة من الحياة والحيوية، فالرواية تسعى لاستعادة التاريخ، وشخوصه، ولكنها تبقى مع ذلك نزعة لاسترجاع ما قد مضى لكونه حالة، أو هاجساً عاطفياً، ولهذا لجأ تيسير خلف إلى المزج بين الرّواية وتقنيات السينما، حيث تتقاطع مستويات التخيل في متن رواية تبحث في آلة الموفيولا، بوصفها انعكاساً لواقع شخصيات فلسطينية تتحول إلى صيغ هامشية، غير أنها مؤطرة في سياق حقبة من التاريخ الفلسطيني غير المُعاين، أو الرسمي. تدين معظم شخصيات تيسير خلف إلى مرجعية التاريخ الهامشي، أو التي همّشها التاريخ، غير أنها تعود مرة أخرى في مُتخيل روائي؛ لتقدم وجهة نظرها، وموقفا معلناً لانكسارها، فثمة الكثير من الأحلام التي تبددت مع مجرى الأشياء، أو ربما في سياق التاريخ بطابعه السّوداوي. ولعل تيسير خلف سعى إلى تفعيل التقنية السّينمائية التي تنهض على المشاهد، أو المقاطع التي يُعاد تركيبها، عبر جاهز الموفيولا، فهذا ما نراه عبر مستوى شعوري لامس القارئ، إذ أن العمل يترك شخصياته في شتاتها وترحالها عبر مشاهد تحفل بعنصري الزمان والمكان، ولكن بدون ترابط كرونولوجي معين، فالشّخصيات تحضر في مشاهد منفصلة، أو غير متسلسلة، ومع كل ذلك، فهي تمضي إلى مسارها المحتوم، أو إلى ذلك المستوى من الإضاءة للمعنى الميتافيزيقي لفقدان الأرض على شكل صدمة.
source https://qrtopa.com/book/15488
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق