الأحد، 29 ديسمبر 2019

عيال الله

عن دار التنوير العربي للنشر في لندن صدرت مطلع هذا العام رواية سعودية جديدة بعنوان (عيال الله) من المتوقع أن تُثير جدلاً كبيراً في الأوساط الأدبية العربية نظراً لما حوته من أفكار صدامية مع التيار الديني المتشدد , ولعل هذا السبب الذي جعل من مؤلفها يتخذ اسماً مستعاراً هو (شيخ الوراقين) خصوصاً وأن العمل ينتقد بشكل عنيف ممارسات الجهاز المسمى بـ(هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر) ويكشف عن وقائع خطيرة و مثيرة في نفس الوقت. تبدأ الرواية بتصوير ما يدور داخل أحد مراكز البوليس الديني في الرياض من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان على يدي بطل الرواية (الشيخ عايض) و زميله (الشيخ مقحم) وبأسلوب فني يشبه إلى حد كبير أسلوب السينما التجريدية تنتقل الرواية للحديث عن الحياة الشخصية لبطلها على لسانه أولاً ثم على ألسن عدد من الشخصيات كزوجته الأولى التي تروي قصتها معه منذ أن خطبها من والدها الذي يعمل معلماً لتحفيظ القرآن في قرية من قرى منطقة القصيم, وتتناول قصة أخوي زوجها اللذين قتلا في أفغانستان محاولة تحسين صورة (الشيخ عايض) رغم تأكيدها على أنه قضى أولى سنوات شبابه في السجن بسبب قضية مخدرات قبل أن تتدخل زوجته الأخرى التي تزوجها بطريقة المسيار لفضحه بشكل عنيف كاشفة عن أسرار خطيرة في حياته منها ممارسته للشعوذة و تهديده لها قبل طلاقها بتسليط الجن عليها وهو ما حدث فعلاً عندما لم ترضخ له فأصيبت بالسرطان. ومن الشخصيات المثيرة في هذه الرواية شخصية الطبيب المصري (أيمن الأسيوطي) الذي يعمد إلى كشف الوجه الآخر للمجتمع السعودي متحدثاً عن فضائح أفراد البوليس الديني و كيف استطاعوا تحويله إلى قوّاد لسهراتهم وعن بيوت الدعارة المنتشرة في الأحياء القديمة من مدينة الرياض وطريقة تعامله معها و مع مندوبيها الذين يعمل أغلبهم بمهنة قيادة سيارات الأجرة. أيضاً من الشخصيات المهمة في الرواية شخصية مؤذن المسجد البنغلاديشي الجنسية الذي سخّره بطل الرواية (الشيخ عايض) لخدمته ليتكشف لاحقاً أنه وقع في شرك خطير نصبه له سيده و زوجته مما يضطره للهرب ليفجر مفاجأته الكبرى بحديثه عن الأسرار الخطيرة التي كتمها طوال فترة عمله في خدمة بطل الرواية و زوجته. أيضاً هناك شخصيات كثيرة ومثيرة في هذا العمل تتناول قصص من يسمون بـ(المطاوعة) و شخصيات أخرى تحاول الدفاع عنهم مما يحوّل الرواية بشكل عام إلى (محكمة) تشمل هيئة إدعاء وهيئة دفاع لكنها بدون قضاة وربما عمد المؤلف إلى خلق شخصية الفتاة التي تعمد إلى طعن البطل بسكين في مركز عام للتسوق بمدينة الرياض لتكون (قاضياً) قبل أن تنتهي الرواية بجلسة تحقيق في نفس مركز الهيئة الذي صورته في الفصل الأول مع متهم مقبوض عليه بتهمة تعاطي المسكر في موقف عام للسيارات. يمكن أن يوصف هذا العمل بأنه عمل ثوري ضد التيار الديني في السعودية بشكل عام رغم محاولة المؤلف خلق هيئة للدفاع عن من أسماهم المطاوعة.. تقودها شخصيات معروفة من مواقع الكترونية على الشبكة العنكبوتية تحدث عنهم البطل في الفصل الثاني بأسمائهم كـ(عبيد الزقلان, و محمد الهبيدي) وغيرهما . لكن الرواية من الناحية الفنية أيضاً تعتبرعملاً أدبياً خطيراً و مبتكراً من ناحية الأسلوب والفكرة وطريقة الصياغة بحيث يهيئ للقارئ أنه في محكمة كبيرة خارج حدود الزمان و المكان يستمع فيها إلى عشرات الشهادات المتناقضة من الشخصيات التي تمثل هيئة الإدعاء و الأخرى التي تمثل هيئة الدفاع ليخرج هذا القاريء بكم معرفي كبير عن المجتمع السعودي و مدينة الرياض تحديداً بوجهها الآخر الذي لا يعرفه الكثيرون من سكانها, إضافة لتوظيف المؤلف للكثير من الأساطير و القصص المستقاة من الكتب المقدسة على ألسن الشخصيات بشكل يتواءم مع الحدث . Via مكتبة اقرأني http://qrtopa.com/rss

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق