الخميس، 3 ديسمبر 2020
في أمريكا
في العام 1876 تُهاجرُ مجموعةٌ من البولنديين إلى أمريكا وعلى رأسِهم، الممثلةُ البولنديّة الذائعة الصيت هيلينا مودييسكا، صحبة زوجها الكونت كارول تشالـﭙوﭬيسكي، وابنها الفتى ذي الأعوام الخمسة عشر، رودولف، والصحافي الشاب هينريك سينكيويتش والكاتب مستقبلاً، وعدد قليل من الأصدقاء والصديقات؛ يُقيمون مُؤقتاً في أنهايم، ولاية كاليفورنيا، ويَسعونَ إلى تأسيسِ مجتمعٍ يوطوبي، لكنَّ هذا المُجتمع يفشلُ، ويعودُ معظمُ المُهاجرين إلى بلادِهم، لكن هيلينا مودييسكا تَبقى وتَنتصر وتُصبحُ لاحقاً نجمةً من نجومِ المسرح الأمريكي. استوحتِ الكاتبة الأمريكية الطليعيّة سوزان سونتاج ( 1933 – 2004 ) هذهِ القصة الحقيقيّة في روايتِها المعنونة ((في أمريكا)) التي تَقولُ عنها: ((يَنبغي لي القول إنني شاطرتُ نفسي المُعتقدَ المُدهشَ في قوةِ إمكانيةِ إعادةِ اكتشافِ الذات. نحن دوماً نؤمنُ بأمريكا: بوسعنا أَن نَبدأَ ثانيةً، يُمكننا أَن نَقلبَ الصَفحةَ، يُمكننا أَن نَكتشفَ أَنفسَنا، يُمكننا أَن نُحوِّلَ أنفسَنا مِن حالٍ إلى حال. لذا، حَسبتُ أنَّ ذلكَ كان… ذلك كانَ إغراءُ أمريكا لهذهِ المجموعةِ من المُهاجرين البولنديين. هُم ليسوا لاجئين اقتصاديين (أي جاؤوا هَرَباً من الفقرِ والعَوَز)؛ اختاروا المَجيءَ إلى أمريكا وكانوا يُريدون أَن يُصبحوا أُناساً مختلفين. وثمةَ مغامرةٌ كبرى هناك أَن تُحوِّل ذاتَكَ، أن تُعيدَ اكتشافَ ذاتِكَ كما يفعلُ المُمثلون، بطبيعةِ الحال، طوالَ الوقتِ، حينَ يكونون على خشبةِ المَسرح)). نثرُ سونتاج في هذا العمل الروائي رشيقٌ ولـَعوب: على الرغم من الحَبكةِ المتوانية، هذا الكتابُ متدفقٌ وبوسعِ القارئ أن يقرأَه بسلاسةٍ بالغة. نالتْ ((في أمريكا)) جائزة الكتاب القومي The National Book Award لسنة 2000، وهي عملٌ مدهشٌ لكاتبةٍ وناقدةٍ سارتْ في اتجاهٍ مُناهضٍ لسياسةِ بلدِها، ويَعدُّها كثيرون واحدةً من الكُتّاب الأمريكيين الأكثر جلبةً في القرن العشرين.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق