الأحد، 18 أغسطس 2019
أعياد الشتاء
ثمّة جانب إيجابي واحد للرحيل. الانسلاخ قد يكون مجدياً، رغم الندوب المعشّشة في الروح. ففي الرحيل نصبح آخرين. نرتدي جلد من كنّا نحلم أن نكونه، أو من يوفّر علينا الأسئلة الموجعة عمّن كنّاه هناك. شهيناز وصلت إلى بلد اللجوء. تاهت في شوارعه الباردة وعانقتها. أحبّت غزلان أعياده وأضواء بهجته. ونسجت علاقة حميمة مبنيّة على كذبة مع راوية. راوية لا تألف الشوارع. تسكن جسدها بصمت وخفر، كما تسكن أرضاً بكراً. بين الفتاتين عوالم شاسعة، كثيرٌ من المسكوت عنه، سنواتٌ من الخبرة الحياتية، وخمسة سنتمتراتٍ فقط بين سريرين في غرفةٍ واحدة خُصّصت لاستقبالهما. لكنّهما تتّفقان على حبّ التبولة. وهذا يكفي في صقيع الغربة. وفي الرحيل، نظلّ نحن أيضاً. نبحث عن الجلّاد رغم الحياة الجديدة التي مُنحَت لنا. فقد اعتدنا ألّا نذوق طعم العيش سوى بالألم. شيءٌ في داخلنا يحتاج إلى الحفر الموجع لنتنفس. هي العادة؟ هو مرض موروث من البلاد التي عشنا فيها مكَمّمي الأفواه في أمان وظلّ المارد الجبّار؟ أم هو الحبّ بكلّ بساطة؟ ربّما هو كلّ هذا، والرهان هو إعادة تدويره تحت سماءٍ جديدة...
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق